الملخص :
يزخر القرآن الكريم بعديد من الإشارات إلي التعاليم الأخلاقية الإسلامية النفسية ودورها في حماية الفرد والمجتمع ويبين هذا البحث كيف أن البرنامج اليومي للمسلمين يقيهم من الأمراض العصبية والنفسية فهو يتحدث عن اختيار الزوج المناسب أو الزوجة المناسبة وعن الزواج المبكر يعد النضج النفسي وتحريم الخطيئة والمساواة في معاملة الأبناء واللعب معهم والعناية بكبار السن .
ويناقش هذا البحث تأثير البرنامج الإسلامي اليومي وكيف أنه يحول دون المرض النفسي فهو يؤكد علي الاستيقاظ المبكر وأداء الصلاة في مواقيتها في المسجد واعتراف الشخص بخطاياه والثقة بالله والإلمام بالطبيعة البشرية وبالمجتمع كما أنه يركز علي دور التعاليم الأخلاقية الإسلامية في محاربة المشاكل النفسية الاجتماعية كما أنه يتحدث عن خصائص الطبيب النفسي وصفاته .
مقدمة :
الإسلام ليس مجموعة من العقائد فقط ولكنه أسلوب حياة يهدف إلى سعادة الفرد والجماعة ولذلك فان التعاليم الأخلاقية الإسلامية تشكل جوهر الشعائر الإسلامية اليومية وتسمح هذه التعاليم للمسلمين بأن يعيشوا في سلام وانسجام مع الحياة ويقول القرآن الكريم عن الرسول " يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنْكَرِ " ( الأعراف: 157)
وتنعكس هذه المبادئ علي حياة المسلم اليومية وتكثر في القرآن الإشارة لهذه التعاليم الأخلاقية التي يجب علي المسلمين إتباعها للعمل على سعادة الفرد والمجتمع .
أن هذه التعاليم الأخلاقية التي يؤيدها الإسلام تشمل حياة الفرد من فترة ما قبل الزواج حتى سن الكبر وهي بذلك تعمل كمرشد للمسلمين لكي يعيشوا حياة سعيدة مستقرة من مختلف الجوانب خاصة الجوانب النفسية.
التعاليم الأخلاقية الإسلامية وتأثيرها علي الحياة النفسية
1 - يحث الإسلام الرجال والنساء علي حسن اختيار شريك الحياة وقول الرسول في هذا الصدد "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عِمْرَانَ الْجَعْفَرِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ وَانْكِحُوا الأَكْفَاءَ وَأَنْكِحُوا إِلَيْهِمْ " ( رواه ابن ماجه في سننه ) وهذا تحذير من نقل الأمراض الوراثية .
2 - توصي تعاليم الإسلام الأخلاقية بالزواج المبكر وإذا تعذر ذلك فأنها توصي بالصبر والتحمل . ويخاطب الرسول الشباب بقوله : " حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَارَةُ عَنْ عَبْد ِالرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ دَخَلْتُ مَعَ عَلْقَمَةَ وَالأَسْوَدِ عَلَى عَبْد ِاللَّهِ فَقَالَ عَبْد ُاللَّهِ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَابًا لا نَجِدُ شَيْئًا فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ( رواه الشيخان) .
3 - تهتم التعاليم الأخلاقية الإسلامية بالتوجه الرياضي للشباب بهدف امتصاص النشاط الزائد في فترة المراهقة ويؤكد النبي علي تربية الشباب بقوله :
" علموا أبناءكم الرماية والسباحة وركوب الخيــل " .
4 - تحرم التعاليم الأخلاقية الإسلامية ارتكاب الذنوب والزنا ويقول القرآن " ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا " (الاسراء: 32 ) وتعتبر هذه خطوة وقائية إيجابية ضد الأمراض التناسلية التي تؤدي للأمراض النفسية .
5 - توصي التعاليم الأخلاقية الإسلامية بالزواج ورعاية الفئات الأكثر احتياجا خاصة عندما يصل الإنسان إلى سن النضج النفسي ويقول القرآن في هذا المجال " وابتلوا اليتامي حتى إذا بلغوا النكاح فان آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم " (النساء : 6)
6 - تهتم التعاليم الأخلاقية الإسلامية بالسيدة الحامل فتوصي بتوفير الغذاء المناسب وحسن المعاملة وعدم تكليفهن بالعمل الشاق كما أجازت لهن الإفطار في شهر الصيام عند المسلمين.
7 - يؤكد القرآن علي ضرورة الرضاعة الطبيعية للأطفال .
8 - تشجيع التعاليم الأخلاقية الإسلامية علي قيام الأسرة المستقرة المتماسكة وتنفر من الطلاق وهي بهذا تقي الطفل من الاكتئاب والقلق والانفصال , ويقول الرسول " حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ مُعَرِّفِ بْنِ وَاصِلٍ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبْغَضُ الْحَلالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الطَّلاقُ " ( رواه أبو داود) .
9 - تحث التعاليم الأخلاقية الإسلامية الوالدين علي معاملة أطفالهم علي قدم المساواة حتى لا يشعروا أنهم غير مرغوب فيهم حتى لا يشعروا بالغيرة وهو شعور مدمر للصحة النفسية ويقول الرسول ( ص ) " ساووا بين أبنائكم في القبلات " .
10 - تشجع التعاليم الأخلاقية الإسلامية أن يلعب الاباء مع أبنائهم لأهمية هذا اللعب في تربيتهم نفسيا ولا سيما في السنوات الأولي من سن الطفل ويقول الرسول " إلعبوا مع أبنائكم لسبع ثم وجهوهم لسبع ثم صاحبوهم لسبع ثم اتركوهم بعد ذلك يعيشوا حياتهم " .
11 - تعتبر الوسطية من التعاليم الأخلاقية الإسلامية ويقول القرآن عن الأمة الإسلامية " "وكذلك جعلناكم أمة وسطا " (البقرة: 143 ) وينهى الإسلام عن الإفراط والتفريط ويقول الرسول في هذا الشأن " كلوا واشربوا ولا تسرفوا فان الله لا يحب المسرفين " .كما يقول القرآن " ولا تجعل يدك مغلولة الي عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا " ( الاسراء: 29 )
12 - تتطلب التعاليم الأخلاقية الإسلامية العناية بكبار السن وتنص علي التزامات معينة يقوم بها الأبناء نحو الآباء ويقول القرآن في هذا الشأن " إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا " (الإسراء:23)
التعاليم الأخلاقية الإسلامية النفسية للأسلوب الوقائي الإسلامي
1 - الاستيقاظ المبكر يشجع الفرد علي أن يبدأ عمله مبكرا وينهيه مبكرا وهو بذلك ينهي عمله في أنسب وقت .
2 - ينفذ البرنامج اليومي في جماعة وهذا يساعد علي عدم الإصابة بالاكتئاب كما أنه يحول دون التسيب كما أن وجود الفرد في جماعة ينمي فيه فرض احترام أخلاقيات الجماعة وقيمها وهذا ينمي فيه شعور الانتماء والتكامل والتعاون مما يسهل عليه القيام بأي عمل يعهد إليه مما يساعد علي التخلص من القلق والتوتر .
3 - هذا البرنامج اليومي يجعل الإنسان يشترك في عدد من الأنشطة الجسمية والنفسية فالصلاة مثلا تتطلب الوضوء وهو يشمل تنظيف أعضاء الجسم المعرضة للجو كما أنه نشاط منشط كما أن حركات الجسم أثناء الصلاة منشطة مع التركيز علي العقيدة والأمل في القبول أثناء الصلاة ويساعد كل هذا علي التنسيق الذي يساعد علي التقليل من القلق والتوتر ويقضي علي التوتر إن وجد . ومن هنا نري أن الصلاة تتطلب أنشطة معينة تحقق راحة نفسية وجسمية وتتكرر هذه الحركات خمس مرات كل يوم بما يساعد على تحديد نشاط الفرد وطاقاته.
ويدعو النبي للصلاة بقوله " حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ قَالَ رَجُلٌ قَالَ مِسْعَرٌ أُرَاهُ مِنْ خُزَاعَةَ لَيْتَنِي صَلَّيْتُ فَاسْتَرَحْتُ فَكَأَنَّهُمْ عَابُوا عَلَيْهِ ذَلِكَ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَا بِلالُ أَقِمِ الصَّلاةَ أَرِحْنَا بِهَا " ( رواه أبو داود في سننه )، ويقول القرآن " فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلي جنوبكم فإذا إطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت علي المؤمنين كتابا موقوتا " (النساء:103) .
4 - تشكل اللقاءات المنظمة في المسجد فرصة جيدة للمسلمين لحل مشاكلهم الاجتماعية فيحصلون علي المشورة اللازمة وعلي الأسوة الحسنة وذلك لأن آيات القرآن لا تتعامل مع الأمور الدينية فقط ولكنها تشمل القواعد اللازمة لتنظيم حياة الفرد والمجتمع اقتصاديا وتشريعيا وشخصيا ويقول الرسول " حَدَّثَنَا خَلادُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ " ( رواه البخاري ) .
5 - يسهل البرنامج اليومي عملية اعتراف الشخص بذنوبه في جو من الأمان ذلك لأن المسلم يشعر أنه تحت رعاية الله الرحيم به والذي يغفر له ذنوبه .
إن هذا الأيمان برحمة الله وعدالته يتغلب علي الشعور بالأسى والإحساس بالذنب الذي قد يواجهه الفرد في حياته اليومية ويقول القرآن في هذا الشأن " وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئاً عسي الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم " (التوبه: 102 ) .
6 - يؤدي المسلم هذا البرنامج اليومي بمحض إرادته مما يساعده علي التغلب علي مشاكل حياته اليومية طالما أنه متأكد من رعاية الله له.
7 - يعتبر هذا البرنامج تدريبا متعدد الجوانب يمكن المسلمين من تلبية رغباتهم ومزاولة عدة أنشطة حسب ميولهم .
8 - تعتبر اللقاءات الجماعية التي تتم في المسجد مجالا جيدا لتحقيق الأهداف الثقافية والتعليمية التي تساعد علي انتشار الحقائق العلمية بين المسلمين الذين يتعلمون ما يدور حولهم وما يخصهم .
9 - إن الاجتماع السنوي للحجاج الذين توحد هدفهم يساعد علي تقوية المشاعر العاطفية بينهم ويزيد من إحساسهم بالأمل والتفاؤل وهكذا يحدث علاج تلقائي ذو طبيعة نفسية لكل من يحتاجونه .
10 - لا يتجاهل هذا البرنامج الجانب الترفيهي للحياة ويشجع الأفراد علي المشاركة في الأنشطة المختلفة مثل الصيد وركوب الخيل والرحلات .
التعاليم الأخلاقية الإسلامية وتأثيرها الوقائي ضد الأمراض النفسية
يعتبر الانطواء من الأعراض التي تؤدي إلى المرض النفسي ولكن هذا المرض لا يمكن أن يحدث في مجتمع يعطي هذا الاهتمام للمسجد حيث تقام صلاة الجماعة خمس مرات يوميا كما أنه يوفر مكانا لعدد آخر من الأنشطة الدينية التي تتم مع الجماعة ويساعد هذا علي تقوية العلاقات الاجتماعية وعلي تقديم المساعدة لمن يحتاجها من الأفراد أو العائلات كما أن الانفتاح أيضا مكروه كالانطواء ويقول القرآن في هذا الشأن " ولا تصعر خدك للناس ولا تمشي في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور " (لقمان: 18 )
الاكتئاب :
وهو يعتبر من أكثر الأعراض انتشارا في الوقت الحاضر وهو يحدث عندما يصبح الفرد غير قادر علي مواجهة حقائق الحياة والإسلام يولي اهتماما خاصا لحقائق الحياة وهو يجعل المسلمين يدركون ذلك في كل شعائرهم وهو يؤكد أن المسلمين يستطيعون التغلب علي الشعور بالاكتئاب إذا تمسكوا بالقدرة علي التحمل والمثابرة والعفو فهذا يساعد علي تخفيف أعراض الاكتئاب ويقوي العزيمة ويقوي الإحساس بالأمل والتفاؤل . كما آن الوضوء الذي يعني النظافة يساعد الجسم علي تقليل مظاهر التوتر ومن هنا تأتي أهميته قبل الصلاة التي تؤدي الي هدوء النفس .
ولا شك أن صلاة الجماعة في المسجد وروح التعاون التي تسود بين المسلمين تساعدان علي التغلب علي الشعور بالعزلة مصدر الشعور الذي يؤدي الي الإحباط والاكتئاب ويقول القرآن في هذا الشأن " يجزي الله الصابرين بصبرهم " ( الزمر: 10 ) .
الانتحار :
تدل الإحصاءات علي أن الانتحار نادر في المجتمعات الإسلامية ذلك لأن الدين الإسلامي يحض المسلمين ضده فالقانون الإسلامي يعتبر الشخص الذي ينتحر مجرما سيدفع ثمن جريمته يوم الحساب وهذا الإحساس عميق في نفس كل مسلم وتقوية الجماعة أيضا ويقول القرآن في هذا الشأن موجها الكلام للمؤمنين " ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما "(النساء: 29 ).
الشذوذ الجنسي :
انه من المحرمات في الإسلام الذي يشجع علي الزواج المبكر والعلاقة الجنسية المشروعة ويحرم أي نوع من الشذوذ كما يعاقب الذين يرتكبون جريمة الزنا عقوبة شديدة وتبين الإحصاءات أن الأمراض السرية نادرة الحدوث في المجتمع الإسلامي ويقول القرآن مخاطبا المسلمين " ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا " (الإسراء :32) .
أولاد الشوارع واللقطاء :
إن وجود هؤلاء في أي مجتمع دليل علي وجود العلاقات الجنسية الغير مشروعة مما يعتبر دليلا علي غياب المسئولية والإسلام يمنع ذلك وبذلك فان الإسلام يوفر للأطفال حق الاعتراف بهم وللنساء حق الاستمتاع بحياة كريمة تعتمد علي الحب والتعاون لأفراد الأسرة ولذلك فان الأسر الإسلامية تستمتع بالإحساس بالأمن والاتحاد مما يوفر عليهم الإحساس بالوتر والسلوك المنحرف .
وفي هذا الشأن يقول القرآن " وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا " (النساء:9)
التدخين :
تشمل التعاليم الأخلاقية بالإسلام مجالا كبيرا للمنوعات ويعتبر علماء المسلمين التدخين مدمرا للصحة ولذلك فهو عادة ضارة يجب تجنبها ويجب علي المسلم عدم مزاولتها ويقول القرآن في هذا الشأن " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين " (البقرة:195) .
إدمان الخمر والمخدرات :
يعتبر تعاطي الخمر من المحرمات في الإسلام وفي بداية الإسلام لم يكن شرب الخمر محرما وكانت هذه العادة واسعة الانتشار في ذلك الوقت وقد جاء منع الخمر بالتدريج إلى أن جاء الأمر بتحريم تعاطي الخمر أو إنتاجه أو الاتجار فيه جنبا إلى جنب مع كل العقاقير التي لها نفس التأثير علي شعور الإنسان واتزانه .
ويجب اتخاذ كافة السبل للعمل على محاربة انتشار الخمور والمخدرات في مختلف الدولة الإسلامية لحماية الفرد المسلم من آثارها المدمره.
ويقول القرآن في هذا الشأن " إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجز من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون " (المائدة:90 ).
الطلاق :
علي الرغم من إباحة الطلاق تحت ظروف معينة فانه محدود من الناحية الإحصائية ويقول الرسول " أبغض الحلال عند الله الطلاق " .
الجريمة :
يوصي المسجد دائما بالتسامح والرحمة وبإقامة العلاقات الودية حتى مع الأعداء وحرم القرآن القتل ويفرض عقوبات شديدة علي مرتكبيه حتى ولو حدث القتل بالخطأ ويقول القرآن " ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق" (الإسراء : 33).
التفرقة :
يدعو الإسلام للمساواة ويحرم التفرقة القائمة علي اللون أو النوع أو الجنس ويقول الرسول في هذا الشأن " الناس سواسية كأسنان المشط ".
إن الإسلام يعترف بكل الأديان السماوية السابقة ويقول القرآن " لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا واليك المصير " (البقرة: 285 ) .
التعاليم الأخلاقية الإسلامية وعلاقتها بخصائص الطبيب النفسي وصفاته
يقول القرآن " ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون " (آل عمران:104 ) وكذلك يحتاج كل العاملين في مجال الصحة النفسية لصفات معينة .
إذ لابد أن يتمتعوا بالنظرة الثاقبة ويكونوا نموذجا طيبا وأن تكون لديهم القدرة علي تحمل مسئولية فهم النفس مع التخصص في فهم صحة الجسد والمجتمع والعقيدة الي جانب القدرة علي تشخيص وعلاج الأمراض النفسية ومقابلة المرضي وتشخيص مدي خطورة مرضهم .
ولا بد أن تكون لديهم القدرة علي إقناع مرضاهم والتأثير عليهم بالإيماء .
وينبغي إن يتسم سلوك الطبيب بالتدين الذي ينعكس علي معاملة الطيبة للآخرين ويظهر في ابتسامة رقيقة أو كلمة طيبة . ويقول الرسول في هذا الشأن : " حَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ يَعْنِي الْخَزَّازَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ " ( رواه مسلم).
الرحمة :
مظهر آخر من مظاهر التدين ويقول الرسول في هذا الشأن " حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ " ( رواه البخاري ) , " حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْزُوقٍ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ عَنْ زَرْبِيٍّ قَال سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ جَاءَ شَيْخٌ يُرِيدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَبْطَأَ الْقَوْمُ عَنْهُ أَنْ يُوَسِّعُوا لَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا " ( رواه الترمذي ) ومن الصفات الأخرى للتدين الرضي والقناعة وهنا يقول الرســول صلى الله عيه وسلم " عليكم بالقناعة فإنها كنز لا يفني " .
الحكمة :
من الصفات التي تحدث عنها القرآن " وادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن" (النمل:125 )
الصبر :
هو أيضا من صفات التدين ويقول القرآن في هذا الشأن " والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقنهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة اولئك لهم عقبى الدار" (الرعد: 220).
التطوع :
إن العمل في الميدان الطبي وتقديم المساعدة الطبية هو عمل نبيل يقوم به العاملون في هذا المجال ويقول القرآن في هذا الشأن " فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا ولا يلقاها إلا ذو حظ عظيم " (فصلت:35 )
التفاؤل :
وهو من الصفات المحمودة لأنه يهدئ النفس ويقلل من التوتر والانطواء وهنا يقول القرآن " قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون " (الحجر : 56 ) .
وعلي الفريق المعالج أن يحرص دائما علي نقل الأخبار السارة ويقول الرسول ( ص ) في هذا الشأن " بشروا ولا تنفروا " ويقوم الطبيب الحكيم بشرح سبب المرض لمرضاه ويصف لهم أسلوب العلاج ويقوم بمتابعتهم حتى يستعيدوا صحتهم .
الخاتمة :
يتضح من مراجعة الحقائق السابقة أن تأثير التعاليم الأخلاقية الإسلامية يهدف إلى السيطرة علي اندلاع العنف في الوقت الحاضر وكذلك الإرهاب والتفرقة والكراهية والتوتر وإدمان المخدرات والشذوذ الجنسي والأمراض السرية وغير ذلك من الأوبئة التي تهدد حياة الفرد والمجتمع ، بما ينبغي معه اتخاذ كافة الوسائل التي تساعد على وقاية المجتمع الإسلامي من هذه المشاكل حتى نتمكن من أداء رسالته في عالمنا المعاصر.